Monday, April 6, 2015

اقتراح بقانون في شأن تنظيم اتحادات الطلبة - LOL


أثيرت في الآونة الأخيرة من قبل المجاميع الطلابية داخل وخارج الكويت ضجة سببها موافقة اللجنة التشريعية على الإقتراح بقانون في تنظيم اتحادات الطلبة، وجاورت هذه الضجة بيانات استنكار واستهجان واجتماع طلابي تنظيمي غير مسبوق في السنين السابقة رافضة للقانون المزمع اعتماده في مجلس الأمة الحالي. وكوني قد تخرجت مؤخرا، فوجدت من الضروري الدخول في تفاصيل هذا القانون للذين أمضوا سنينا طويلة خارج المقاعد الدراسية والذين ليس لديهم الماما كاملا بطبيعة العمل الطلابي، وهنا أنا لا أسقط على نفسي المعرفة الشاملة بهموم الطلبة لكنني أكتب من تجربة دراسية، وفهمي البسيط لبنود القانون من وجهة نظر طالب سابق، لا أكثر. 

وكمعلومات أولية، فهذا القانون قد قدمه خمسة نواب وهم: نبيل الفضل، يوسف الزلزلة، عبدالله الطريجي، عبدالله معيوف وخليل عبدالله، وقد نشرت جريدة أجيال نص الإقتراح في يوم ٢٤\١١\٢٠١٤

في بادئ الأمر، يجب التنويه بأن هذه الضجة المؤخرة ليست الأولى، فسبقتها مثيلتها عند تقديم الإقتراح، وقد شهدتها شخصيا في قاعة المؤتمرات بفندق في سان فرانسيسكو، عند سؤال أحد الطلبة أحد النواب عنه، وسأذكر تفاصيل ما حدث لاحقا.

ولآخذ كل مادة وأحلل فهمي لها وأثرها على العمل النقابي الطلابي الكويتي. 

ففي المادتين الثانية والثالثة، نجدها تحظر وجود فروع واتحادات خاصة خارج الكويت. أي أن الطلبة في أمريكا، وبريطانيا، وأستراليا، وكندا، والأردن والإمارات، ومصر وباقي الدول، لن يملكوا ممثلا شرعيا لهم، ولن يكون هنالك من يمثل مطالبهم وشكاويهم أمام الجهات الحكومية والأهلية المعنية بالكويت. وهذا الشيء لا يدخل العقل في ظل توهج الحركات الطلابية خارج الكويت، والإنجازات التي تحصدها الإتحادات بشهادة الحكومة، كسفير الكويت في الولايات المتحدة وغيره. وفي تجربتي الدراسية في أمريكا، وجدت قوة وفاعلية الإتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الولايات المتحدة، فهو ينظم الأنشطة الإجتماعية، والثقافية، ليجمع الطلبة المغتربين، خصوصا المؤتمر السنوي الذي أصبح وجهة لأكثر من ٣٠٠٠ طالب وطالبة، دون التطرق للدعم الكثير الذي يحصده من القطاع الخاص الكويتي، ليكون منارة العمل الطلابي أمام جميع الجنسيات الدراسية المغتربة في أمريكا، من أكبرها لأصغرها حجما وكما. وهو الممثل الذي يتدخل في حالات الطوارئ، وينسق ما بين الطلبة والملاحق الثقافية والسفارة الكويتية، ويمد يد العون للجميع دون استثناء. وكيف لا أستذكر العرس الديمقراطي الحقيقي الذي يحصل بانتخابات اتحاد أمريكا، وهو التنافس الشريف بين قوائم تمثل أفكار ورؤى وطنية، تعمل من أجل الطالب وتسابق بعضها البعض للظفر بشرف تمثيله، بتنظيم غير مشهود وجهود تطوعية وطنية مشكورة. وهذا كله قد ينسحب على العديد من طلاب الدول الأخرى. وهنا، لا أنكر وجود بعض الشوائب في العمل النقابي الطلابي، ولكن الممارسات الخاطئة تُقوَم بالممارسة الصحيحة والتوعية، واتاحة المجال لتصحيح المسار، لا بالتضييق كما هو وارد في هذا القانون. 

وفي المادتين الرابعة والخامسة، نجد بأن المشرع يحدد أغراض الإتحاد واختصاصاته، بغياب تام عن مشاكل الطالب وهمومه، ونوع من أنواع الوصاية على تصرفات اتحاده الذي يمثله، وكأن الطالب لا يستطيع تحديد أغراضه الخاصة واختصاصات اتحاده. هم أعضاء من مجلس الأمة من اقترحوا هذا القانون، ولا أعتقد بأنهم استشاروا أية جهة طلابية عند كتابتهم لهذا القانون، اذ لا يلامس القانون الواقع الطلابي الذي نعيشه في الكويت اليوم، فالحرية التي يعيشها الطالب اليوم، والحقوق التي كفلها الدستور له في وقتنا الحالي أنتج عزوفا واقعيا لشريحة كبيرة من الطلاب عن العمل النقابي، ولكن لي أن أتخيل الناتج الذي سيُخلق عند كبت الطالب بعد صدور قانون مثل هذا، وكأنهم يريدون استفزاز الطالب، ولنا بالتجاوب الطلابي الموحد في الأيام القليلة الماضية مثالا لما أعنيه. الطالب الذين لا يعتقدون أعضاء مجلس الأمة أنه قادر على ادارة نفسه كان وسيكون عاملا أساسيا في تغيير الكثير في هذا البلد. 

وفي المادة الثامنة، الطامة الكبرى، والتي تنص حرفيا، "يحظر على اتحاد الطلبة التدخل في السياسة …" وكأن اتحاد الطلبة خارج حسبة المجتمع الكويتي، وليس له دورا تاريخيا في الخلافات والأحداث السياسية التي حدثت على مر وجود الكويت، وفي تاريخنا الحديث، لا يسعني إلا وأن أستذكر دور القوائم والاتحادات بقانون حقوق المرأة السياسية، وقانون الدوائر الخمس، وغيرها من المواقف التي سطرت دور الطالب الكويتي الوطني خصوصا في الأحداث السياسية الأخيرة كمرسوم الضرورة بتغيير نظام الإنتخاب، والانتهاكات الحقوقية والدستورية التي عصفت بالكويت. وهنا أسترجع الموقف المضحك الذي شهدته في مؤتمر اتحاد أمريكا في سان فرانسيسكو. ها هنا النائب الدكتور خليل عبدالله (أحد مقدمي الاقتراح) يجيب على سؤال الطالب على منبر اتحاد أمريكا، وأمام صالة مليئة بالطلبة، وفي ندوة سياسية تضم عددا من الشخصيات السياسية، والدكتور يروج لقانونه، ويتعالى صوته، مستجديا الهتاف أمام جمهورا واعيا من الطلبة من المتوقع أن عدده قد فاق كل من حضر جلسات مجلس الأمة الأخير كلها، وأتمنى من الإتحاد الوطني أن يعرض الندوة لكي يرى الناس ما موقع عضو مجلس الأمة الحالي أمام هامة وطنية كمشاري العصيمي، الحاضر بنفس الندوة والجمهور. وأعتقد أن الدكتور خليل عبدالله قد غاب عن باله وعي الطلبة، ونسي أنه لولا نشاط اتحادات الطلبة السياسي لما كان في هذه الندوة، فكيف يجرمها بقانونه؟ (قانونه يجزي الاتحاد المتدخل بالسياسة بعقوبة قد تصل إلى ٥ سنوات بالمادة ٣٥).  

ويتجلى غياب الوعي بمقترحي القانون  في المواد ١٢ و١٩ و٢٠ من القانون، واللاتي حددت سن مؤسس وعضو مجلس ادارة الاتحاد بما لا يقل عن ٢١ وسنة، وهنا أقيسها على نفسي، فأنا ولله الحمد تخرجت من الجامعة بعمر ال٢٠ سنة، والذي يعني أنني في كل مسيرتي الدراسية لا أستطيع أن أكون عضوا في مجلس ادارة الاتحاد. وفي المادة ال٢٠، حددت مدة مجلس الإدارة بمدة ٣ سنوات، فهي تتوقع من الطلبة الأعضاء أن يتأخروا بدراستهم حتى سن ال٢٤ سنة لإكمال المدة، على سبيل المثال. هل خفي عنهم أن الطالب يدخل الجامعة بعمر ال١٨ عادة؟ وتستمر المهزلة في تحديد الصوت الواحد في الإنتخابات، وكأن "الحدث الإستثنائي" الذي حصل لإنتخابات مجلس الأمة يحب أن ينقاس ويطبق على كل حدث ديمقراطي في الكويت من جمعيات تعاونية ونفع عام ونوادي رياضية وقد نراها بانتخابات مجالس المدارس ومدراء المحادثات الجماعية في الواتسآب، ولا أعتقد أن هذا الجزم على نظام الصوت الواحد هو نتاج نجاح العملية الإنتخابية بل هو اثبات موقف سلطوي كأنه عناد الطفل الذي يريد أن يفرض قوانين لعبته على كل أطفال الفريج. لم ألتق بأي شخص لديه فهم بسيط بالمفاهيم الديمقراطية الخاصة بالإنتخابات لا يقول بأن نظام القوائم والتصويت لمجموعة فكرية هو السبيل للديمقراطية الحقيقية، ولكننا نرى أناس يريدوننا أن نكفر بالديمقراطية والعملية الإنتخابية بإطار دستوري مشوه. 

وفي المواد ١٣ و٢٣ و٢٧ و٣٠ و٣١ تتبين آلية التقييد والجهة المقيدة، فالنقابة أو الإتحاد الطلابي تتولى هموم الطلبة عند الجهات التعليمية المختصة، وفي الكثير من الأحيان تكون المخاصمة ضد قرارات وزارة التعليم العالي، ولكن في المواد السالفة الوزارة هي المتحكم بكل شيء. فهي من تملك تنظيم الإنتخابات واصدار تراخيص التأسيس، والحرمان من التأسيس، والإعتراض أو وقف ما جاء بمحاضر اجتماعات مجلس إدارة الإتحاد، وحل مجلس الإدارة و سحب الترخيص، بقرارات غير قابلة للطعن أمام القضاء. فبمزاجية الوزير أو المسؤول تسلب ارادة الطلاب، بلا محاسبة ولا حق رد الإعتبار، لتصبح الحركة الطلابية مُسيرة. 

بهذا القانون سبعة وثلاثين مادة، معظمها تمثل سبة بوجه الحركة الطلابية النيرة، ولذلك رأينا الجهود تتظافر من الكثير القوائم والإتحادات بمختلف توجهاتها الفكرية ومؤسساتها العلمية معارضة هذا التقييد والإسفاف بمقدرة الطلبة ودورهم التاريخي بالكويت وخارجها. ومن هنا، أرجو أن تنجح الجهود هذه بايقاف ونسف هذا القانون. وأنا لست ضد تنظيم العملية النقابية الطلابية، فيجب اقرار قانونا ينظمها ولكن بالمزيد من الحريات والثقة التي يستحقها الطالب في مؤسسات التعليم العالي. 

لتتبارك الجهود الطلابية المبذولة حاليا، وليتم التنسيق الفعال والمؤثر بين كافة الجهات المعنية المتضررة لصد القانون، ولنلتم جميعا خلف الطلبة والطالبات لتحقيق مطالبهم المستحقة أمام مؤسسات كنت أعتقد في يوم من الأيام أنها الحصن المنيع أمام انتهاك الحريات، ولكنها تحالفت لتضييق ما تبقى للكويت من نفحات عام ٦٢. 

*لست قانونيا، فقد يكون أنني أسأت فهم المواد سالفة الذكر وحيثياتها، لكنني كتبت عن فهمي الشخصي للمواد.